موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

الذكاء الثقافي: موهبة خفية تحدد قدرتك على النجاح

الذكاء الثقافي: موهبة خفية تحدد قدرتك على النجاح | موقع سوا
2017-10-23 15:48:28
+ -

موقع سوا_ في عصر العولمة الذي نعيشه، قد يعتمد أداؤك الوظيفي على نسبة الذكاء الثقافي لديك. فما هو الذكاء الثقافي؟

تخيل لقاءك للمرة الأولى بشخص يأتي من بلد بعيد ولكنه يجيد لغتك. قد يبدو أنه لا يوجد حاجز يحول دون اتصال مباشر بينكما، فهل تكيف نبرة وإيقاع صوتك، أو تباعد فترات التوقف في كلامك، من أجل سهولة التواصل معه؟

وماذا عن تغيير لغة جسدك وسلوكياتك، وتعابير وجهك وفقا لخلفية الشخص الذي أمامك؟ هل تجلس أو تقف بطريقة مختلفة، وتنتبه للغة إشارة يديك؟

هذه ليست سوى مجموعة من التحولات الدقيقة في السلوك التي يمكن أن تساهم في تحديد مستوى ما يعرف بـ"الذكاء الثقافي" (سي كيو) لدى المرء. وهناك أدلة متزايدة تشير إلى أنه يستحق التعلم.

ويكتب عالم الاجتماع ديفيد ليفرمور في كتابه "اختلاف الذكاء الثقافي" قائلا: إن "أول ما يتنبأ بنجاحك في عالم بلا حدود هذه الأيام ليس نسبة ذكائك، ولا سيرتك الذاتية، ولا حتى خبرتك. إنه ذكاؤك الثقافي".

ووفقا لأحدث الاستنتاجات، فإن مستوى مرتفعا من الذكاء الثقافي يمكن أن يكون عنصرا حاسما في مجموعة واسعة من المهن، بداية من المصرفيين، إلى الجنود، والعلماء، والمدرسين، أو أي شخص يتعامل بانتظام مع أناس من خلفيات متعددة.

إذن ما هو الذكاء الثقافي؟ ولماذا يكون أعلى لدى البعض مقارنة بالآخرين؟ وكيف يمكن لنا تعزيز هذه القدرات؟

اختلافات ثقافية

أجرت سون آنغ، أستاذة الإدارة في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، الكثير من الأبحاث حول الذكاء الثقافي. وفي أواخر التسعينيات، كان عملها يتعلق بتحديث أنظمة الكمبيوتر في سنغافورة لمعالجة الخلل الشهير الذي كان يعرف بمشكلة "Y2K"، وهو خلل في برامج الكمبيوتر كان يخشى أن يؤدي إلى القضاء على شبكة الحواسيب العالمية في مطلع الألفية. وقد شكلت آنغ فريقا من المبرمجين لحل هذه المشكلة.

وكان الفريق يضم ألمع العقول في مجال البرمجيات، ومع ذلك فقد وجدت آنغ أنها لا يمكنها العمل مع أعضاء هذا الفريق. فقد كانت مجموعات العمل غير فعالة، وفشلت في الاتفاق. وكثيرا ما كان يبدو أن الأفراد توصلوا إلى حل، ولكنهم كانوا ينفذونه بطرق مختلفة تماما ودون جدوى.

من الواضح أن المسألة لم تكن مسألة خبرة أو حوافز. وبدلا من ذلك، رأت أن هؤلاء الموظفين ذوي القدرات العالية يتعثرون أمام الاختلافات الثقافية لدى كل منهم، وهو ما أدى إلى انهيار التواصل والتفاهم فيما بينهم.

وقد قادت هذه الأفكار آنغ إلى التعاون مع عالم النفس التنظيمي بي كريستوفر إيرلي، الذي كان يعمل حينئذ في كلية لندن للأعمال، وهو الآن عميد كلية الأعمال والاقتصاد في جامعة تزمينيا، بأستراليا. وقد عملا سويا على بناء نظرية شاملة للذكاء الثقافي، والتي يعرفانها على أنها "القدرة على العمل بفاعلية في مجموعة متنوعة من السياقات الثقافية".

وعادة يقاس الذكاء الثقافي من خلال سلسلة من الأسئلة التي تقيم أربعة مكونات مختلفة. الأول هو "محرك الذكاء الثقافي"- أي الدافع لمعرفة المزيد عن الثقافات الأخرى. ثم هناك "معرفة الذكاء الثقافي"، أي فهم بعض الاختلافات الثقافية العامة التي قد تواجهها. أما "استراتيجية الذكاء الثقافي"، فهي تدرس كيفية تعاملك مع التحديات الصعبة والتعلم منها، بينما ينطوي "تنفيذ الذكاء الثقافي" على مرونتك السلوكية، وما إذا كان بإمكانك تكييف سلوكك وفقا لكل موقف.

قد يكون لشخص لديه ذكاء ثقافي منخفض ميل لرؤية سلوك الجميع من خلال عدسته الثقافية. وإذا كان يأتي من بيئة أكثر كياسة ولطفا، على سبيل المثال، ويلاحظ أن زملاءه اليابانيين أو الكوريين يلزمون الصمت كثيرا في اجتماع ما، قد يفترض أنهم عدائيون أو ضجرون.

وفي مجال الطيران، تسببت مثل هذه الاختلافات الثقافية أحيانا في انهيار الاتصالات بين الطيارين ومراقبي الحركة الجوية، وهو ما أدى إلى وقوع حوادث تحطم مميتة.

لكن شخصا يمتلك أعلى مستوى من الذكاء الثقافي قد يدرك أن الصمت في مثل هذا الاجتماع هو علامة على الاحترام، وأن ردود الفعل لن تقدم ما لم تطلب صراحة. ونتيجة لذلك، فإنه يتأكد من إتاحة فرص مناسبة في الاجتماع كي يدلي الآخرون بآرائهم.

ولعله من غير المستغرب أن العديد من الدراسات قد استكشفت كيفية تكيف المغتربين مع الحياة في الخارج، وأظهرت أن أولئك الذين لديهم أعلى مستوى أولي من الذكاء الثقافي سوف يجدون التأقلم مع حياتهم الجديدة أسهل.

إلا أن الذكاء الثقافي يمكن أن يشير إلى جوانب أكثر موضوعية من الأداء الوظيفي، مثل أداء المبيعات الدولية، ومهارات التفاوض، والقدرة القيادية الشاملة.