موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

إسرائيل أغلقت العديد من مكبات نفاياتها ونقلتها إلى أراضي الضفة الغربية

إسرائيل أغلقت العديد من مكبات نفاياتها ونقلتها إلى أراضي الضفة الغربية | موقع سوا
2015-09-06 09:28:02
+ -

سوا فلسطين - وكالات - افتتحت شركة "غْرِين نِت" الإسرائيلية في حزيران الماضي، منشأة لمعالجة النفايات في المنطقة الصناعية بمستعمرة "عطاروت" الواقعة قرب الطريق الذي يصل مدينة رام الله بالقدس. وتقول الشركة الإسرائيلية بأن المنشأة عبارة عن "الجيل الجديد" لأجهزة الفصل والتدوير، وهي ستعالج نحو نصف نفايات القدس المحتلة. وسيتم فصل النفايات وفرزها لأنواعها المختلفة بطرق حديثة، وبجودة عالية؛ ومن ثم سيتم تحويلها إلى مواقع التدوير.

ومن خلال تحقيق أجرته مؤخرا مجلة آفاق البيئة والتنمية، تبين بأن الاحتلال الإسرائيلي يخطط نقل معالجة جزء كبير من النفايات الإسرائيلية إلى منشآته العاملة في الضفة الغربية، وذلك خلال السنوات القريبة القادمة. وخلال السنوات الأخيرة، أغلقت إسرائيل العديد من مكبات النفايات والمنشآت الخاصة بمعالجتها داخل مناطق 1948، ونقلتها إلى أراضي الضفة الغربية بشكل عام، ومنطقة الأغوار بشكل خاص. وذلك بسبب المواد السامة والخطرة التي تحويها كميات كبيرة من تلك النفايات، إضافة إلى الروائح الكريهة الناتجة عنها، وبخاصة منشآت معالجة الحمأة الناتجة عن محطات التنقية.

في مجمع بركان الصناعي الاستعماري في منطقة سلفيت، أنشأت شركة "أُولْترِيد" مصنعا لتدوير النفايات الإلكترونية. وفي منطقة صناعية استعمارية أخرى شمال الضفة الغربية، يعمل حاليا مصنع "طييرك" الذي يعتبر أكبر مصنع إسرائيلي لتدوير نفايات الإطارات المطاطية.

وفي شمال الأغوار الفلسطينية المحتلة يقع أكبر موقع يعالج فيه الاحتلال نفاياته، وهو آخذ في التوسع. ومنذ بضع سنوات يعمل في ذات الموقع مكب نفايات (إسرائيلي) كبير يدعى "طوفلان" الذي منحته سلطات الاحتلال تمديدا لفترة طويلة. وبمحاذاة هذا المكب يوجد موقع لتدوير كميات كبيرة من النفايات المنزلية العضوية الإسرائيلية إلى سماد عضوي (كمبوست). وفي ذات المنطقة أيضا (قرب موقع تدوير النفايات المنزلية)، توجد منشأة تدعى "كمبوست أور" التي تستوعب حوالي نصف كمية الحمأة الناتجة عن محطات معالجة المياه العادمة الإسرائيلية؛ علما أن الحمأة عبارة عن المواد الصلبة العضوية وغير العضوية (الممزوجة بنسب مرتفعة مع المياه) التي تحوي جراثيم الأمراض وبيوض الديدان المعوية الضارة الناتجة من معالجة المياه العادمة في محطات التنقية.

وتشهد منشأة "كمبوست أور" توسعة في نشاطها؛ إذ، وبالتعاون مع ما يسمى "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال، يتوقع تنفيذ خطة لإقامة ما يسمى "قرية التدوير". وبحسب تلك الخطة، ستستوعب إحدى منشآت "القرية" النفايات العضوية التي تم فرزها في المدن. كما، وفي ذات المنشأة، سيتم استخراج الغاز (الناتج من عمليات تحلل تلك النفايات) والذي سيستخدم في إنتاج الكهرباء. النفايات المتبقبة سَتُدَوَّر إلى كمبوست. وتتضمن الخطة أيضا تخصيص رقعة في "القرية" لمعالجة الترب (جمع تربة) الملوثة، وبخاصة تلك الملوثة بمتبقيات الوقود. واللافت أن المستعمرين في تلك المنطقة (شمال الأغوار الفلسطينية) يعارضون هذا الجزء من المشروع تحديدا، بسبب خوفهم من تأثيرات السكن بمحاذاة موقع يحوي تربة ملوثة.

وكشفت مؤخرا جهات حقوقية وبيئية إسرائيلية، أن وزارة البيئة الإسرائيلية منحت ترخيصا لنقل التربة الملوثة بالوقود من الأرض المحتلة عام 1948 إلى أراضي الضفة الغربية، وبخاصة إلى منشأة إسرائيلية لمعالجة النفايات في الأغوار الفلسطينية المحتلة.
وفي العام الماضي، رصدت مجلة " آفاق" نشاط مصنع إسرائيلي لصناعة " الكمبوست" الملوث يدعى " توف لام" يقع بجانب مكب للنفايات الإسرائيلية شرق مستعمرة "مسواه" في قلب الأغوار الفلسطينية، وتعود ملكيته إلى مستثمرين فرنسيين. وتبين من خلال الفحص المخبري وجود عناصر سامة بتركيز مرتفع في مادة "الكمبوست" التي ينتجها ذلك المصنع، والتي تسوق في مناطق الأغوار الفلسطينية.

قطاع النفايات الفلسطيني يعاني من العشوائية والبؤس


في مقابل ازدهار قطاع معالجة وتصنيع النفايات الإسرائيلية، بما في ذلك المخلفات السامة، على الأراضي الفلسطينية المنهوبة وبمحاذاة القرى والبلدات العربية، فإن قطاع النفايات الفلسطينية في الضفة الغربية يعاني من العشوائية والبؤس، وانتشار عشرات المكبات العشوائية الخطرة في مختلف الأنحاء، وفي الأودية والأراضي المفتوحة وفي مداخل العديد من القرى والبلدات. المكب الفلسطيني "الصحي" الوحيد الذي يعمل حاليا هو مكب زهرة الفنجان في جنين. إلا أن هناك العديد من الشكاوى والاعتراضات من قبل الأهالي في القرى والبلدات المجاورة للمكب، بسبب انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات.

من جهتها، تضغط سلطات الاحتلال على السلطة الفلسطينية للموافقة على استيعاب نفايات المستعمرات في المكبات الفلسطينية؛ كما هو الحال في مكب النفايات "الصحي" في منطقة المينيا جنوب مدينة بيت لحم، إذ يمارس الاحتلال ضغوطا كبيرة على السلطة الفلسطينية بهدف إجبارها على قبول دمج المستعمرات في مناطق الخليل وبيت لحم في ذلك المكب. وكانت مجلة آفاق البيئة والتنمية قد كشفت العام الماضي، أن هناك تفاهماً غير معلن بين البنك الدولي و"الإدارة المدنية" مفاده أن المستوطنين يجب أيضا أن يستخدموا مكب المينيا.

ولمزيد من الخنق والحصار الصحي والبيئي الممارس ضد الفلسطينيين، قررت عام 2013 ما يسمى "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال، إغلاق مكب البيرة ومنع دفن النفايات الفلسطينية فيه بالقوة، بذريعة أنه "خطر بيئي ويفتقر إلى البنية التحتية ويلوث الهواء والمياه الجوفية"!

ومن ناحية أخرى، يعتبر تدوير النفايات الفلسطينية في الضفة الغربية مسألة نظرية، وغير ممارسة سوى بشكل هامشي جدا، لا يتجاوز 1% من إجمالي النفايات الفلسطينية في الضفة.

مشروع إسرائيلي-فلسطيني مريب قرب قرية العوجا في الأغوار


الغريب، أنه، رغم تعامل الاحتلال ومستعمريه مع أراضي القرى والبلدات الفلسطينية باعتبارها مكبا لنفاياتهم، ولا بأس بالتالي من تخريبها وتلويثها، لا يتوانى البعض الفلسطيني من التعاون مع المحتل في مجال النفايات. فحاليا يجري العمل على إقامة منشأة إسرائيلية-فلسطينية مشتركة قرب قرية العوجا في الأغوار المحتلة، لمعالجة النفايات العضوية الفلسطينية والإسرائيلية (من المستعمرات في الضفة وإسرائيل ذاتها). وستستوعب تلك المنشأة بشكل أساسي الحمأة السامة الناتجة عن محطات التنقية الإسرائيلية، بالإضافة لبعض الحمأة الفلسطينية؛ علما أن كمية الحمأة الفلسطينية ضئيلة أصلا لعدم وجود محطات تنقية فلسطينية فعالة، سوى تلك القائمة في مدينة البيرة والتي تعالج أيضا (مجانا) المياه العادمة الناتجة عن المستعمرات المجاورة للمدينة (مثل مستعمرتي"بساغوت" و"كوخاف يعقوب") والتي، لسخرية القدر، يتحمل المواطن الفلسطيني تكلفة تلك المعالجة!

وبهدف تجميل المشروع الإسرائيلي-الفلسطيني المريب، يروج القائمون عليه بأنه سيعالج أيضا بعض النفايات العضوية الفلسطينية، إضافة للتجمعات الإسرائيلية، بحيث يتم تدويرها إلى كمبوست. واللافت أن "المبادرين" الإسرائيليين لإنشاء المشروع الإسرائيلي قرب قرية العوجا (بالتعاون مع بعض الفلسطينيين) هم أنفسهم القائمون على المنشأة الإسرائيلية الجديدة في مستعمرة "عطاروت" لفصل النفايات.

منطق كولونيالي عسكري منسلخ عن الآدمية


يواصل الاحتلال الإسرائيلي، ممثلا بإدارته المدنية وشركاته ووزاراته، دفن كميات ضخمة من النفايات الصلبة والخطرة في أراضي الضفة الغربية المحتلة. وقد تفاقمت في السنين الأخيرة كميات النفايات التي يتم نقلها من داخل إسرائيل ودفنها في مواقع مختلفة بالضفة. ولم تكتف سلطات الاحتلال بالمواقع العشوائية التي سيطرت عليها في أراضي الضفة لدفن نفاياتها، إضافة إلى نفايات المستعمرات؛ بل إنها تخطط حاليا لتخصيص المزيد من الأراضي لذات الهدف. وذلك رغم أن المعاهدات الدولية تمنع بوضوح نقل النفايات من الدولة المحتلة إلى الأراضي التي احتلتها.

واللافت أن وزارة البيئة الإسرائيلية تدعم بقوة النشاط الاستعماري في الضفة الغربية؛ فهي منخرطة في تثبيت وتطوير العديد من المشاريع الاقتصادية والصناعية الإسرائيلية في الضفة، بما في ذلك المشاريع آنفة الذكر. ومنذ أكثر من عامين، أعدت الوزارة المذكورة خطة تفصيلية لمعالجة النفايات، حددت بموجبها بعض المواقع في مناطق مستعمرتي "معالي أدوميم" و"معاليه عاموس" كي تقام فيها منشآت لاستيعاب النفايات الإسرائيلية ومعالجتها.

ووفقا لمعطيات "وزارة البيئة الإسرائيلية"، تجاوزت كمية النفايات الخطرة في إسرائيل، في السنوات الأخيرة، 328 ألف طن سنويا، دون الأخذ في الاعتبار المعالجات الداخلية المختلفة للمصانع. وتفيد نفس المعطيات، أن نحو ثلثي النفايات الخطرة، أي أكثر من 200 ألف طن، يتم التخلص منها خارج مكب النفايات الخطرة القطري في "رمات حوفيف" الواقع في صحراء النقب. ويعتقد، على نطاق واسع، أن جزءا كبيرا من النفايات الخطرة التي لا تصل إلى "رمات حوفيف" يتم دفنها في أراضي الضفة الغربية.

ويسهل الاحتلال عمليات تهريب النفايات الكيماوية والطبية وغيرها من النفايات السامة من إسرائيل إلى أراضي الضفة الغربية، مثل بعض أراضي جنوب الخليل وقرى غرب رام الله وقلقيلية وبيت لحم وغيرها. كما تعمل إسرائيل على دفن مخلفات الصناعات العسكرية في الضفة الغربية. وبالرغم من اكتشاف العديد من الحالات، إلا أن حالات كثيرة لم يتم الكشف عنها.

إن منطقا كولونياليا عسكريا عنصريا منسلخا عن الآدمية يقف وراء الممارسات الصهيونية المدمرة للبيئة الفلسطينية. وملخص هذا المنطق العنصري، أن لا بأس من تطهير البيئة "الإسرائيلية" عبر نقل التلوث الإسرائيلي إلى المجتمع العربي "المتأخر"، علما بأن إسرائيل عملت على التخلص من بعض صناعاتها الملوثة بشكل خطير للبيئة، عبر نقلها إلى الضفة الغربية. وبحكم الوجود الاستعماري الاستيطاني العسكري في فلسطين، فإن نقل التلوث الإسرائيلي إلى الضفة والقطاع يتم قسرا وبالقوة المسلحة.

وبالرغم من توقيع إسرائيل على جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي تعالج حركة المخلفات السامة وكيفية التخلص منها، إلا أنها، ومع ذلك، تدوس على تلك الاتفاقيات والمعاهدات التي تحرم التخلص من النفايات الخطيرة والسامة، أو دفنها في الأراضي الفلسطينية.
ولغاية هذه اللحظة، لم تتحرك منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المختصة، لعمل تقييم علمي شامل لما سببته الممارسات الصهيونية المدمرة للبيئة وللإنسان الفلسطيني من أضرار وكوارث، ومن ثم تقديم المجرمين إلى محكمة دولية.