موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

"حرم الرامة" تاريخ انساني يعاد تأريخه

2016-04-23 13:17:21
+ -

سوا فلسطين في "حرم الرامة" بمدينة الخليل،  تجري منذ فترة عملية بحث واستكشاف لتاريخ هذا المكان الأثري الذي يمتد عمره لأكثر من (4 آلاف عام)، والذي ارتبط موقعه بأحداث تاريخية هامة كونه يعتبر مركزاً دينيا لعدة أديان الى جانب مركزيته التجارية خلال العصر الروماني.

يعتبر بئر حرم الرامة من أهم المواقع الأثرية في فلسطين، وهو مرتبط بشكل أساسي بقدوم النبي ابراهيم واقامته بالخليل، وهذه الإقامة غيّرت التاريخ، حيث منحت الشخصية الخليل اسمها لهذا اليوم، وهذا الاسم يعود لمدة حوالي 4000 عام.

الرواية التاريخية تتحدث أن سيدنا ابراهيم عندما قدم الى الخليل، أقام في "ممري"، أو ما يسمى "بئر حرم الرامة"، وهذا الاسم مرتبط بصاحب الارض الكنعاني "ممري" الذي منح سيدنا ابراهيم هذا المكان ليقيم فيه وينصب خيمته فيها.

مدير عام وزارة السياحة والآثار في الخليل أحمد رجوب قال أن القصة تتحدث أن سيدنا ابراهيم نصب خيمته تحت البلوطات، وحفر بئر المياه، وسمي بئر حرم الرامة، وهي نبعة ارتوازية.

وذكر رجوب أن الملائكة زارت ابراهيم في حرم الرامة وبشرته بابنه اسحاق، فكانت المعجزة لأن سارة كانت طاعنة بالسن، كما أخبروه أن الله سوف يعاقب بني لوط في منطقة البحر الميت، وبعد هذا الحدث حاول ابراهيم ثني او ابعاد العذاب عن بني لوط، إلا أن الاثم كان عظيم وتم تعذيبهم.

حرم الرامة اكتسب البعد والاهمية التاريخية من هذا الحدث واستمر الى الفترات اللاحقة وخاصة الفترة الرومانية، لأن المكان كان على الطريق التاريخي الذي يصل منطقة فلسطين بجنوبها، عبر البلدة القديمة وزيف ويطا، ولهذا أخذ أهمية استراتيجية الى جانب الاهمية التاريخية حسب رجوب.

في الفترة الرومانية بنى هيرود الكبير الجدار المحيط بالموقع المبني من حجارة ضخمة تشبه حجارة الحرم الابراهيمي، وقد بني لوجود قصة سيدنا ابراهيم بالمكان، وبنفس الوقت موجود به معبد أدومي عربي، للإله قوس، واستخدم كسوق تجاري.

فترة مارتون هادريان في القرن الثاني، كان حرم الرامة من أشهر الأسواق في فلسطين، ويسمى سوق نمرة أو ممري.

الموقع ارتبط بأحداث تاريخية هامة، فيعتقد أن مريم بنت عمران عندما هاجرت لمصر هربا من هيرود والاضطهاد الموجود في تلك الفترة ضد أبناء القدس، يعتقد أنها عبرت من حرم الرامة واستراحت والسيد المسيح في هذا المكان.

في القرن الرابع لما زارت هيلانا أم قسطنطين، وتتبعت خطى المسيح، بنت في حرم الرامة واحدة من أقدم الكنائس في فلسطين، ويعتقد أنها رابع كنيسة، تخليدا لقصة ابراهيم عليه السلام في هذا المكان، وهذه الكنيسة بعض بقاياها بقيت، لكنها جددت في القرن السادس، ولأهميتها ظهرت على خارطة مادبا الفسيفسائية.

"يعتقد أنه تم هدم الكنيسة عام 614 ميلادي أثناء الغزو الفارسي لفلسطين كمعظم الكنائس التي هدمت في هذه الفترة، وفيما بعد بالفترة الصليبية تم اعادة بناء الكنيسة  أو دير على ما يبدو، وهذه الكنيسة معالمها غير واضحة" قال رجوب.

وتابع رجوب :"بعد الفترة الصليبية هجر المكان حتى القرن العشرين، وفي عشرينيات القرن الماضي 1926، تم اعادة البدء باستكشاف هذا المكان بقيادة العالم الالماني مادر، وتم حفره واستكشاف غالبية اجزاؤه، وفي عام 1984 نفذ الاحتلال حفريات غير شرعية بالمكان، وتم استكشاف الجهة الشرقية والجنوبية ، وكل هذه الحفريات تتركز على روايات توراتية أكثر منها علمية".

حول حفريات الاحتلال يقول رجوب :"الاحتلال عندما يتوجه للحفريات والمسوحات الاثرية توجهه توراتي واستعماري احتلالي، لا يستخدم المبادئ العلمية التي تهدف لاستكشاف التاريخ الانساني، وإنما يعمل على اسقاط روايته على الارض، وهذا نوع من التزييف للقصة الحضارية، والهدف الاساسي للإسرائيليين، بناء رواية اسرائيلية استيطانية زائفة لأنهم فاقدين للهوية".

"بئر حرم الرامة يعبر عن تاريخ انساني يتضمن جميع الاديان والروايات الشعبية والدينية، فهذا المكان تاريخه يتحدث عن الحضارة الكنعانية وعن إثنيات أقامت بالخليل، وعن الأدوميين العرب، والقرية الرومانية الكنعانية " تريبنتس"، والديانات الوثنية، والديانة المسيحية، والاسلامية بشكل اساسي لارتباطه بسيدنا ابراهيم" قال رجوب.

وذكر رجوب أنهم كوزارة سياحة وآثار يتشاركون مع الفرنسييين في هذا الموسم ليتم استكشاف تاريخ هذا المكان واعطاءه التقويم العلمي الصحيح، مبينا أن هذه الاتفاقية لمدة اربع سنوات، تتضمن حفريات واعادة تقييم للموقع الاثري بالإضافة لاستكشاف الجهة الشرقية من هذا المكان لمعرفة تاريخها بشكل علمي أكبر وأدق.

عالمة الآثار ساندرين احدى المشاركات في عملية البحث والاستكشاف بحرم الرامة تقول:" لغاية اللحظة لم نكمل عملية البحث، عثرنا على جدار للكنيسة البيزنطية، وعثرنا على شبه جدار صغير بجانب الجدار الاساسي، والان نحاول اثبات الحقبة الزمنية التي يعود إليها".

وتابعت ساندرين :"خارج السور بالجهة الجنوبية اكتشفنا آثار بناء مملوكي، حيث كان المماليك يستخدمونه لتكوين جدار بيوتهم، ومن عهد الصليبيين كان هذا المكان محتل، استخدم من الداخل والخارج".

دراسة واستكشاف الحقب الزمنية لحرم الرامة ستمر عبر عدة مراحل حسب ساندرين :"المرحلة الاولى من الحفريات لمحاولة الاكتشاف، المرحلة الثانية دراسة الآلات التي تثبت الحفريات والاشياء المستخرجة، وسنعمل على تنظيفها وترتيبها ومحاولة دراستها لتحديد حقبتها الزمنية".

وتضيف ساندرين :"بعد ترتيب الاشياء التي عثر عليها، سنعمل على مقارنتها بطبقات مستويات التربة لتحديد فترتها الزمنية".
مدة البحث تستغرق ثلاثة أسابيع، في حين سيحتاج فريق البحث لعدة أشهر للخروج بالنتيجة وتحديد الحقب الزمنية للمكان.

فريق البحث الفرنسي مكون من أربع علماء آثار، الأول مختص بتخطيط الخرائط الأثرية، والثاني مختص بتأريخ العظام، والعالم الثالث بالسيراميك أم الرابع بالقطع النقدية، وهذا المشروع بالتعاون ما بين وزارة الآثار الفلسطينية واحدى الجامعات الفرنسية لمدة أربع سنوات، ممول من وزارة الخارجية الفرنسية.

وتهدف الدراسة لعمل مخطط كامل للموقع، حيث ستكون حفريات لكافة الزوايا ليعاد تأريخها بالشكل الصحيح.

Image title