موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

فياض: وداعاً للبكائيات .

فياض: وداعاً للبكائيات .  | موقع سوا
2015-10-24 11:28:28
+ -

سوا نت - دعا د.سلام فياض رئيس الوزراء السابق الى اعتماد "عملية صياغة مفهوم جديد للعلاقة بيننا وبين القوة المحتلة تتطلب أولاً اعتماد برنامج وطني يحظى بالإجماع، أو بدرجة عالية من التوافق، من قبل أبناء وبنات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات» ضمن رؤية لتقديم اسناد فعلي "للانتفاضة الثالثة" التي تشهدها الاراضي الفلسطينية حاليا. 

وفي مقال مطول نشره الليلة قبل الماضية عبر صفحته على "فيسبوك"  بعنوان "وداعا للبكائيات"، قال فياض :  ومع التفهم لدواعي  التردد أو حتى ميل البعض الآخر لاعتبار أن ما يجري لا يمتلك بعد من المقومات أو السمات ما يكفي لوصفه بانتفاضة، إلا أن السياق التاريخي للأمور يرجح اعتبارها بالفعل كذلك، إن لم يكن لشيء فلكونها ليست سوى حلقة في سلسلة شبه متصلة من الإحتجاجات والإضرابات وحتى الثورات الفلسطينية المتعاقبة في وجه الظلم والإستبداد واستلاب الحقوق وتهديد الوجود على مدار زهاء قرن من الزمن.

وتحدث فياض عن "جيل ما بعد (أوسلو) ، من فتية فلسطين الذين أضاؤوا شعلة الإنتفاضة الثالثة. فمَن من هؤلاء الفتيات والفتيان من ليس على صلة مع واحد أو أكثر من أوجه النضال والمعاناة التي مارسها وعايشها الفلسطينيون، والتي في مجملها تمثل المرتكزات والأبعاد القومية للقضية الفلسطينية".

واضاف: نعم، فلنقل إنها الإنتفاضة الثالثة. وإن كان هنالك تباين في تشخيص ماهية التعاظم في منسوب الغضب الفلسطيني في هذه الأيام، فليس هنالك الكثير من التباين فيما يتصل بالأمل، إن لم يكن بالقناعة، بإمكانية هذه الإنتفاضة إحداث تغيير إيجابي على مجريات الأمور في فلسطين، ليس فقط بشكل مباشر، وإنما أيضاً من خلال إثارة الإهتمام مجدداً بالقضية الفلسطينية على الصعيدين الإقليمي والدولي . وكمحصلة نهائية، من الواضح أن هنالك شعوراً واسعاً بأهمية توفير الظروف المؤاتية لاستدامة الإنتفاضة الحالية وتعظيم قدرتها على تحقيق المزيد من التأثير الإيجابي.

وتابع: من المستحسن التوقف والإحجام عن محاولة قولبة الإنتفاضة الحالية بما يحشرها في زاوية متطلبات الانسجام مع تصور مسبق لدى الأوساط القيادية السياسية للتماشي مع رؤية هذه الأوساط لما ينبغي أن تكون عليه الإنتفاضة لجهة الأهداف والوسائل.وثانياً، ينبغي الإحجام عن تحميل الإنتفاضة الحالية ما لا طاقة لها به، سواء بالترويج لإمكانيتها على تحقيق أهداف غير واقعية على المدى القصير أو من خلال الدفع في اتجاه عسكرتها. وأخيراً، وليس آخراً، يجب توخي عدم الوقوع في مطب محاولة احتواء الإنتفاضة، والإمتناع حتى عن مجرد التفكير باللجوء للقوة لغرض لجمها أو احتوائها.

واضاف: قد يكون من الضرورة بمكان المبادرة لبلورة برنامج سياسي يُعبَّر عنه بدرجة عالية من الوضوح والتحديد في إطار جامع ومتفق عليه لبرنامج عمل لا يتطلب الشروع في تنفيذه الموافقة الفورية من قبل جميع الاطراف على كافة أسسه ومكوناته.

 وحدد فياض عناصر البرنامج على النحو التالي:
أولاً: يتم التأكيد من قبل منظمة التحرير الفلسطينية على التمسك التام بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها الحق في عودة اللاجئين إلى ديارهم، والحق في تقرير المصير وفي دولة كاملة السيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة في عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ويوفر مثل هذا التأكيد، ودون احجاف  بموقف الأطراف الفلسطينية المعارضة حالياً لمفهوم حل الدولتين، أداة لتحقيق هدف مزدوج، يتمثل الشق الأول منه في إرسال رسالة واضحة مفادها أن لا استمرار في التفاوض على أساس المنهج القائم، وإنما، وبما يمليه مبدأ الندية والتكافؤ، على أساس الإعتراف بحقوقنا الوطنية كمدخل لا يمكن القفز عنه. 

أما الشق الثاني للهدف من التأكيد على التمسك بحقوقنا الوطنية كافة، فيكمن في أنه يمثل مدخلاً هاماً للشروع الفوري في إنهاء حالة الإنقسام والتشظي في النظام السياسي الفلسطيني التي أضعفت القدرة الفلسطينية على السعي الفاعل لنيل الحقوق وأفضت، في ظل التفشي المتعاظم للشعور ليس فقط بالعجز وإنما بعدم توفر النية لطي صفحة الإنقسام، إلى تدهور غير مسبوق في مكانة النظام السياسي القائم برمته. 

ثانياً:  يجب أن تكون منطلقات هذا البرنامج إيجابية لجهة الحرص على توفير كل الظروف المؤاتية لتعظيم قدرة الإنتفاضة على النجاح، وللبناء السريع على طابعها الوحدوي وقدرتها التوحيدية، ويجب الشروع في اتخاذ إجراءات عاجلة كفيلة بوضع حد نهائي لحالة الإنقسام والتشظي في النظام السياسي الفلسطيني. ويتطلب هذا بالضرورة البدء من العنوان الأكثر أهمية في الوقت الحاضر، ألا وهو قطاع غزة. 

وتتطلّب إعادة الإدماج هذه اتخاذخطوات جادة نحو الشروع في إدارة التعددية الفلسطينية بطريقة ناجعة، فيما يتعلق بمتطلبات إدارة الشأن الداخلي الفلسطيني والعلاقات الدولية، على حد سواء. وهذا بدوره يتطلّب الدعوة لانعقاد وتفعيل إطار القيادة المؤقت لمنظمة التحرير بصفة فورية، وضمان تَمكُّن حكومة ممثلة لكافة مكونات الطيف السياسي من ممارسة صلاحياتها كاملة، وكذلك إعادة انعقاد المجلس التشريعي.

واضاف : عبر تكليف الإطار القيادي المؤقت باتخاذ قراراته بشأن المسائل المتصلة بالمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني بصورة جماعية لتشكل أساساً للتعبير عنها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، تضمن الفصائل من خارج منظمة التحرير، ودون القبول بالبرنامج السياسي للمنظمة، شراكة حقيقية في سعي الفلسطينيين لتحقيق طموحاتهم الوطنية، وفي ذات الوقت تتمكن المنظمة من الحفاظ على برنامجها وتمثيلها لكل الفلسطينيين. وبطبيعته، فإن هذا التدبير يمثل وضعاً انتقالياً لحين إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني أو، إلى أن يتم ذلك، لحين التوصل إلى صيغة توافقية بشأن توسيع العضوية في منظمة التحرير وتعديل برنامجها. ويجب أن تُكلَّف الحكومة، المخولة بممارسة كامل الصلاحيات الممنوحة لها بموجب القانون الأساسي والمدعومة بمشاركة جميع الأطياف والقوى السياسية، بشكل أساسي بالمهمة المزدوجة، لجهة إعمار غزة وإعادة توحيد المؤسسات الفلسطينية والأطر القانونية في الضفة الغربية وغزة. ويجب أن يتم ذلك في ظل المساءلة الكاملة التي تتأتى بالانعقاد الفوري للمجلس التشريعي، والذي من شانه أيضاً أن يسهم بشكل مباشر كرافعة أساسية لمنظومة متكاملة من الحكم الرشيد والإدارة السليمة.

وقال : أما في الشأن السياسي، فأرى أن تقتصر مداولات إطار القيادة المؤقت في المراحل الأولى لانعقاده على الحاجة لإنجاز الاجندة الوطنية الداخلية، خاصة فيما يتعلق بتكثيف الجهد لتوفير مقومات صمود شعبنا، وخاصة في القدس، وإعادة إعمار قطاع غزة وتوحيد المؤسسات والأطر القانونية والتنظيمية بعدما يزيد عن ثماني سنوات من الإنفصال. وعليه، من المنطقي أن يكون هنالك تزامن بين المهلة اللازمة لإنجاز هاتين المهمتين الرئيسيتين وبين مهلة ما يمكن التوافق عليه بشأن موضوع الهدنة الذي تم التداول حوله مؤخراً فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، وبما يمهد لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد سقفاً زمنياً مؤكداً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بنهاية مدة الهدنة.

واضاف : إذا أخذنا هذه الإجراءات ككل متكامل، إضافة إلى التزام قطعي بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وتضم الجميع في أجل لا يتجاوز ستة أشهر قبل نهاية المدة المذكورة أعلاه، فإن من شأن ذلك أن يمثّل خطوة حاسمة في تحقيق التمكين الذاتي الفلسطيني.  وبالإضافة لذلك، فإن من شأن الإلتزام الجاد بإجراء انتخابات عامة، وفي هذه المرحلة بالذات، ارسال رسالة هامة لشباب فلسطين بشأن الحرص على إشراكهم الفاعل في صنع القرار، وخاصة بعد انقضاء عقد من الزمن منذ إجراء انتخابات عامة وما نتج عن ذلك من تهميش لدور قطاع الشباب وربما أيضاً لتفشي شعور واسع بالإغتراب في أوساط هذا المكون الهام من مكونات مجتمعنا.

ودعا فياض الى «عدم الإلتفات لاستمرار بعض مكونات المجتمع الدولي في الإصرار على التطبيق التام لما يسمى بمبادىء اللجنة الرباعية، والمتمثلة أساساً في توقع التزام أية حكومة فلسطينية باتفاقيات أوسلو، علماً بأن المقابل المفهومي لهذه المبادئ في الجانب الإسرائيلي، أي قبول حق الفلسطينيين في قيام دولة مستقلة، لم يتمّ أبداً توقّعه رسمياً من قبل المجتمع الدولي من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ أوسلو. مرة أخرى، هنا ايضاً يجب الإحتكام لمبدأ الندية والتكافؤ. إذ لا يجوز القبول بواقع يقضي بالتزام كافة مكونات النظام السياسي الفلسطيني بأمر لا يوافق عليه حتى مجرد عضو واحد في الحكومة الإسرائيلية. ومن من قادة إسرائيل يدعي بخلاف ذلك، أو يزعم أنه موافق على مفهوم حل الدولتين، عليه أن يوضح، خاصة في ضوء ما هو معلوم جيداً عن جوهر الرؤية الإسرائيلية، أن ما يقصده بالفعل ليس دولة مسخ أو فتات. 

 الخلاف حولى حل الدولتين

ولفت الى ان «هنالك نقطة خلاف جوهرية تقع في صلب هذا البرنامج، ألا وهي تلك التي تتمحور حول مفهوم حل الدولتين من أساسه،. وعليه، قد يكون من المناسب اعتماد نهج يقضي بإرجاء البت في هذه المسألة إلى أجل مسمى، وتحديداً إلى أجل مسقوف بنهاية مهلة الهدنة ، والمتزامنة أيضاً مع الموعد الأقصى لإنهاء الإحتلال. ومما يعزز القناعة بإمكانية التوافق على هذا النهج ما سبق ذكره بشأن التأكيد على الإقرار بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بما فيها الحق في دولة كاملة السيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كمدخل لأية عملية سياسية مستقبلية.

وتساءل  فلم الخلاف اليوم، وبما يعيق المسيرة الوطنية، على أمر لن يكون خلافياً إن لم تلتزم إسرائيل بكل ما ورد أعلاه، أو يمكن البت فيه إن حصل والتزمت؟ 

وقال فياض : بالتوازي مع كل ما ذكر أعلاه، لا ينبغي التوقف، ولو للحظة، عن الإنخراط التام، وعلى كل المستويات الرسمية والأهلية والشعبية، في دحر الإحتلال وبسط واقع الدولة الفلسطينية على الأرض بالرغم من الإحتلال وعلى درب إنهائه. ويعني هذا بالضرورة تركيز الجهود على تعزيز القدرة على البقاء المقاوِم في وجه الإحتلال وممارساته، وخاصة في القدس والمناطق المسماة «ج»، بما فيها الأغوار. وبالإضافة للمناطق الذي لا يحتاج إلى الكثير من البيان بهذا الشأن لكونه ليس إلا ترجمة عملية لشعار الصمود الذي يتبناه الفلسطينيون كافة.وكذلك، فإن الإنخراط في بسط واقع الدولة وتجسيدها على الارض يمثل في جوهره، وكمكون أساسي لرؤية سياسية متكاملة، تجسيداً عملياً للمفهوم الأساسي للإنتفاضة، والمتمثل في إذكاء روح المشاركة الشعبية لاستنهاض الجهود والطاقات على كافة المستويات وتسخيرها لدعم البقاء الفلسطيني المقاوم على أرض فلسطين وصولاً إلى دولة المؤسسات وسيادة القانون، دولة احترام الفكر والمعتقد، دولة ديموقراطية تزهو بتعدديتها ويسودها العدل وتكافؤ الفرص، دولة تحرص على كرامة مواطنيها ويصون دستورها الحريات و الحقوق الفردية والجماعية وتتكيف أنظمتها وقوانينها وفق المستجدات ومتطلبات الحداثة، دولة عصرية تطلق العنان لإعمال العقل والإبداع و التميُّز، وتوفر الرعاية والحماية لفئات المجتمع الأقل حظاً. وقال :هذا هو طريق الإسناد الفعلي للإنتفاضة.

واختتم مقاله للدعوة للسير «على درب بسط واقع الدولة وتجسيدها على الأرض، من الحرص على المثابرة، وبكل عزيمة وإصرار، على مراكمة الإنجازات والبناء عليها، وبما يشمل الإستفادة من رفع مكانة عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ليس فقط على الصعيد الخارجي، على أهمية ذلك، وإنما أيضاً على أرض فلسطين نفسها بالتصرف بمنطق الدولة،  والسعي الحثيث لفرض وجود مؤسسات الدولة في كافة ارجاء الوطن ودونما اي اعتبار للتصنيفات المجحفة التي ولّى زمنها حتى قبل انقضاء حقبة اوسلو الإنتقالية».

وقال: هذا حق. وهو أيضاً واجب في كل الظروف، ولكنه بات ملحاً في مجال الأمن لتوفير الحماية اللازمة لمواطنينا في وجه المستوطنين الإسرائيليين وإرهابهم، وبما يشمل بشكل رئيسي نشر «الجيش» (كما كان يحلو لأبو عمار أن يسمي قوات الأمن الوطني) في كافة مناطقنا الريفية وتجمعاتنا البدوية، وبزيه العسكري. ولعل في مثل هذا الإجراء، في هذا التوقيت بالذات وعلى خلفية الشك والتشكيك بمصير كياننا الوطني ووحدة حالنا، أيضاً رسالة أخرى في منتهى الأهمية مفادها «إنا هنا باقون».