موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

المجتمع العربي يسجّل أكثر من مئة قتيل منذ مطلع العام الحالي| كيف نواجه هذه المعضلة وما هي الأسباب المترتبة حول ذلك؟

المجتمع العربي يسجّل أكثر من مئة قتيل منذ مطلع العام الحالي| كيف نواجه هذه المعضلة وما هي الأسباب المترتبة حول ذلك؟ | موقع سوا
2022-12-23 12:52:59
+ -

ضحية تلو الأخرى، وعائلة نقص من سجلها شخصًا واحدًا أو أكثر، محال تجارية أُغلقت والبعض من طلبة المدارس سبقوا الجميع وتربعوا على وجهة الشّغب والتملق مخالفين قواعد احترام المؤسسات التّربوية. فكلّ هذا شهده المجتمع العربي خلال السّنوات القليلة المنصرمة نتيجة العنف المستشري الذي أوصلنا حتى الجريمة...

 

ما دور الرفاه الاجتماعي في مواجهة هذه الآفة؟

 


بعد الوقت الطويل الذي مرَّ على المجتمع العربي وشهد على تجلي صفات الإنسان الحميدة، باتت الحالة الاجتماعية عند الكثير من الأفراد تدنو شيئًا فشيئًا، فما دور الخدمة الاجتماعية في مواجهة هذه المعضلة، وكيف تساعد الفرد في تحسين حالته الاجتماعية؟ للإجابة عن هذه الأسئلة والتعمق أكثر عن الموضوع أوضحت الدّكتورة في علم الاجتماع رنا عبّاس أنه: "لقسم الشّؤون الاجتماعية أهمية كبيرة في محاربة آفة العنف، فهو يتعامل مع العائلات والأشخاص الذين تعرضوا لأنواع مختلفة من العنف، ولهذا السّبب على العامل الاجتماعي القيام بواجبه من خلال نقاط عدة"، ومنها:

 


1- تتمحور النقطة الأولى حول منع الظّاهرة تحت شعار " الوقاية خير من قنطار علاج"، أي على العامل الاجتماعي القيام بتدخلات تهدف لمنع العنف من خلال زيادة الوعي عند الجيل الشاب.

 


2- من واجب العامل الاجتماعي تقديم الأدوات المناسبة للشخص لتوجيهه كيف يتعامل مع الأمور التي من الممكن أن تؤدي إلى عنف؟ مثل: "السيطرة على مشاعر الغضب وعدم استخدام العنف كأداة لحل الصراع".

 


3- زيادة الوعي عند الأهل وتزويدهم بالوسائل اللازمة والمناسبة لتربية أطفالهم، إذ إن الطفل يراقب تصرف والديه ويتعلم منهما.

 


4- يتعين على قسم الرفاه الاجتماعي القيام بالتدخل اللازم عند حدوث أي حالة عنف بين أفراد العائلة، وجاء ذلك بموجب قانون العقوبات وقوانين أخرى التي تفرض على العامل الاجتماعي التدخل من أجل حماية الضحية وايقاف المعتدي.

 

 

د. رنا عبّاس

 

في المقابل تحدثت د. رنا عن الجانب العاطفي والنفسي لمن تعرض لعنف، وقالت: "يعاني الفرد الذي يتعرض للعنف من الشعور بالدونية وعدم الثقة بالنفس، موضحة أن التعرض المتكرر لحالات العنف الشديدة قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية بحاجة لعلاج مثل الاكتئاب.

 

العنف ضد النّساء:

 


مع تفاقم حالات العنف والجريمة، لحق الضّرر أيضًا بالنّساء ليسجل هذا العام أكثر من 10 نساء قتلن دون مبرر، ولمعرفة خلفية هذا الموضوع قالت عضو تحالف "نساء ضد العنف" النّاشطة التّربوية والنّسوية السيدة نبيلة اسبنيولي: "يتفاقم العنف في المجتمع الفلسطيني نتيجة لسياسة التّهميش والتّمييز المتبعة ضد الأقلية الفلسطينية في البلاد، ونتيجة للتعامل مع مجتمعنا كالساحة الخلفية التي تتاح بها كلّ الموبقات لإشغالنا عن القضايا الأساسية التي نعاني منها على مدى سنوات عديدة، إضافة للإهمال المتعمّد لعدم السّيطرة على الإجرام المنظم".

 

 

الناشطة التّربوية نبيلة اسبنيولي

 


وبدورها أشارت اسبنيولي التي تشغل أيضًا منصب مديرة مركز الطّفولة في النّاصرة إلى حالات العنف الموجهة ضد النساء إذ أردفت: "العنف ضد النّساء يتأثر من السّياسات المذكورة أعلاه؛ لكنه يشرعن من قبل مجتمعنا بقيّمه الذّكورية وتوجهاته البطريركية. فقد شهد المجتمع العربي هذا العام مقتل 10 نساء، مقابل 15 امرأة أيضًا عام 2021. وأضافت أن الجميع مسؤول عن التّربية غير المتساوية التي تكرس النّظرة الدّونية تجاه المرأة، الأمر الذي سمح لاحقّا بالاعتداء عليها حتى قتلها وقتل أطفالها وأحلامها ومساهماتها الاجتماعية. ولهذا أطلقنا موقع "بكفي" الذي أطلقته جمعية نساء ضدّ العنف لتوثيق قضايا قتل النساء من عام 1929 إلى اليوم.

 

البيئة المحيطة وتأثيرها على الفرد:

 


للبيئة المحيطة التأثير الكبير على الفرد وعلى نمط حياته بشكل عام، فكيف يؤثر هذا الشيء على سلوكه؟ وبدورها قالت معلمة التّربية الخاصة نور عبّاس: "للبيئة المحيطة تأثير فعال جدًا على الطّفل من جانب التّحصيل الدّراسي وعلاقته مع الأشخاص، وهذه الأمور وغيرها تندرج تحت عوامل عدة منها:

 


1- العامل المنزلي: أي اختلاف المستوى الإدراكي أو التّعليمي أو الاقتصادي بين الوالدين الأمر الذي يؤدي إلى اختلاف وسوء تفاهم وزعزعة الجو المنزلي؛ لينتج من ذلك طفل لا يشعر بالأمان والارتياح.

 


2- المعاملة بين الأهل والأبناء: هذا العامل يظهر كثيرًا في مجتمعنا العربي، ولحل مشكلة ما يتوجه الوالدان إلى استخدام أسلوب الضّرب والصّراخ معتقدين أنها الطّريقة المتوارثة والجيّدة لتخطي المشكلات، لكن هذه التّصرفات لا تجدي نفعًا بل تولد القسوة وتزيد من عنف الطّفل الذي يظهر جليًا في تصرفه وسلوكه. مما يسوقه هذا التصرف في النهاية لعالم الجريمة.

 

 

المعلّمة نور عبّاس

 


3- الوضع الاقتصادي: للوضع الاقتصادي النّفوذ الأكبر في التّأثير على نفسية الطّفل، ويتمثل هذا في اتجاهين، الأوّل: حرمان الطّفل من أشياء يريدها بسبب الدّخل المحدود للعائلة، إضافة للجو المتوتر الذي يخلقه النّقص في توفير احتياجات البيت جميعها. ومن جهة أخرى إذا كبر الفرد في عائلة غنية لكن دون رقابة وعناية من قبل الأهل يجعله هذا الخلل يفعل أي شيء لجذب انتباه الأم أو الأب كالسرقة مثلًا، ليدخل بعدها لعالم الممنوعات ومن ثم للجريمة أيضًا. الثّاني: في حالة انشغال الأهل عن الأبناء لوقت طويل بسبب العمل، يؤدي ذلك إلى الإهمال والنقص العاطفي اللذين يعدان من العوامل الأساسية المؤثرة بشكل سلبي على الطّفل.