موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

قراصنة غزّة "الإلكترونيّين"... كيف يعملون؟!

قراصنة غزّة
2016-03-14 12:47:43
+ -

سوا - نت - مدينة رفح، قطاع غزّة - يعمل الشاب سالم محمّد، وهو اسم مستعار، ومجموعته المحليّة الّتي يطلق عليها اسم "قراصنة النّخبة الخاصّة" في مجال القرصنة الإلكترونيّة منذ أكثر من ثمانية أعوام في إحدى ضواحي مدينة رفح - جنوب قطاع غزّة. وقال محمّد البالغ من العمر 24 عاماً لـ"المونيتور": "أعمل منذ عام 2008 في مجال القرصنة الإلكترونيّة وقمت بالعديد من الاختراقات، فمثلاً قرصنت في عام 2014 خطّاً هاتفيّاً لمطار البرازيل، وحصلت منه على فائدة ماليّة بلغت 13 ألف يورو".

وأشار محمّد، الّذي حوّل اسم مجموعته من منظّمة "كيرا" إلى "قراصنة النّخبة الخاصّة" في عام 2014، إلى أنّه في صدد المشاركة في 7 نيسان/أبريل المقبل مع سبع منظّمات عربيّة وأجنبيّة في حملة اختراقات لمواقع ومؤسّسات أجنبيّة وإسرائيليّة باعتبارها معادية للشعب الفلسطينيّ والعرب.

وزوّد سالم "المونيتور" بفيديوهات عدّة يشرح فيها عمليّات القرصنة الّتي قامت بها منظّمته، من بينها عمليّة اختراق موقع شركة اتّصالات بولنديّة في 5 كانون الثاني/يناير من العام الجاري.

ويعتمد القراصنة العرب والفلسطينيّون المعروفون باسم "الهكر" على العمل في شكل جماعيّ لتكون النتائج أكبر، غير أنّهم لا يعتمدون فقط على تدمير المواقع، وإنّما يتعدّى هذا الأمر إلى الكسب الماديّ "غير المشروع" من خلال سرقة المؤسّسات والشركات.

ومن جهته، أشار صلاح أحمد، اسم مستعار، والّذي يبلغ من العمر 22 عاماً، ويقطن في غرب مدينة غزّة، لـ"المونيتور" إلى أنّه كان يهدف من دخول مجال القرصنة قبل ثلاث سنوات إلى السيطرة على حسابات مواقع التواصل الإجتماعيّ والبريد الإلكترونيّ، غير أنّ سرعان ما تطوّر الأمر به إلى قرصنة بطاقة الإئتمان الـ"فيزا كارد" ومواقع الشركات العالميّة، وقال: "الآن، نقوم بإنشاء مواقع مزوّرة شبيهة بمواقع شركات، على سبيل المثال شركات الطيران الّتي يقوم الكثيرون بالتسجيل فيها لحجز تذاكر طيران، فتصل بياناتها الخاصّة إلينا ونقوم بالاستيلاء على أموالها".

أضاف: "كذلك، نقوم من خلال هذه الفيزا بحجز تذاكر طيران حسب الطلب لأشخاص من غزّة نأخذ جزءاً من ثمنها الأصليّ، فمثلاً لو كان ثمنها 600 دولار، فإنّنا نحصل من الشخص على 200 دولار فقط، إضافة إلى أنّنا نخترق بيانات بنوك حول العالم ونقوم بشراء بعض السلع من أموالها".

ولفت أحمد، الّذي يعمل ضمن مجموعة قوامها ستّة أشخاص، ولم يُطلق عليها أي اسم، إلى أنّ "مجموعات" القرصنة موجودة في قطاع غزّة بشكل كبير، وأصبحت اليوم منظّمة بشكل أكبر.

وفي هذا السياق، توقّع الخبير في أمن المعلومات والمحاضِر في جامعة فلسطين بغزة محمود أبو غوش أن يكون عدد القراصنة الإلكترونيّين في قطاع غزّة قد وصل إلى ألفي شخص، مشيراً في حديثه لـ"المونيتور" إلى أنّ القراصنة في قطاع غزّة ينقسمون إلى نوعين: "النوع الأوّل يشنّ هجمات وطنيّة تهدف إلى تدمير المعلومات وإيقافها وجمعها من المواقع الإسرئيليّة، وتشنّها في الغالب جماعات منظّمة وتسلّمها إلى جماعات أخرى ذات اختصاص. أمّا النوع الثاني فيشنّ هجمات شخصيّة لهدف خاص أو حزبيّ، والهدف هو التدمير والتخريب أو التجسّس في بعض الأحيان".

وجرّمت المواد 43 و 44 و45 من قانون المعاملات الإلكترونية الفلسطيني رقم 6 لعام 2013م الأشخاص الذين يقتحمون حواسيب الغير بطرق غير مشروعة ويستولون على أنظمتها أو يستخدمون بياناتها دون وجه حق. فيما شددت هذه المواد على العقوبات تتراوح بسجنهم ما بين العام إلى العشرة أعوام، وغرامة مالية قيمتها ما بين ألفي دينار أردني إلى عشرين ألف دينار.

وظهرت خلال السنوات الخمس الأخيرة مؤسّسات مرخّصة تقدّم التدريب في مجال القرصنة، غير أنّ الأمر بدأ يميل نحو مجال الحماية من القرصنة الإلكترونيّة، كما هي الحال مع مؤسّسة "فيجن بلس" المتخصّصة في مجال التدريب التكنولوجيّ، الّذي أكّد مديرها التنفيذيّ محمّد الأغا لـ"المونيتور" أنّ عامل التطوّر في مجال الإنترنت وضع المجتمع الغزيّ والعالم أمام تحدّيات الحماية من أخطار القرصنة، وقال: "صحيح أنّ مجتمعنا في قطاع غزّة منفصل عن العالم، غير أنّه تكنولوجيّاً غير منفصل عن العالم، فالإنترنت في تطوّر مستمرّ. ولقد وجدنا أنّه يوجد الكثير من التحدّيات في هذا المجال، مثل أن يقوم البعض باختراق خصوصيّاتنا وبريدنا الإلكترونيّ. لذا، قمنا بإعطاء دورات للحماية من هذه القرصنة وضمان مجتمع سليم ومحميّ أمنيّاً".

وأشار محمّد الأغا إلى أنّهم يستثنون من دوراتهم التي تتراوح أسعارها ما بين 150 دولار إلى 100 دولار، الّتي وصل عدد خرّيجيها إلى أكثر من ستمائة شخص خلال الخمس سنوات الأخيرة، كلّ من يرغب في تعلّم قرصنة بطاقات الـ"فيزا" وغيرها من البطاقات الإئتمانيّة كي لا يتمّ استخدامها بشكل غير قانونيّ، وقال: "بعض من يحضر تدريباتنا تكون غايته السرقة، فحينما نقول له إنّه سيوقّع على تعهّد بعدم استخدام التدريب في السرقة ينسحب، لأنّ هدفه يكون القرصنة والسرقة والتخريب وليس الحماية. ومع ذلك، يوجد توجّه كبير لدى المواطنين لتعلّم دورات القرصنة لحماية أنفسهم وشركاتهم من الاختراق، فلكلّ شيء سلاح ذو حدّين، سلبيّ وإيجابيّ".

ومع التطوّر الهائل في مجال الإنترنت والانفتاح الكبير لقطاع غزّة على العالم من بوّابة التكنولوجيا، يبقى متّسعاً لشبابه لتطوير قدراتهم في القرصنة الإلكترونيّة للوصول إلى أهداف بعضها شخصيّة كالسرقة، وأخرى وطنيّة كتدمير المواقع الإسرائيليّة.